[color=magenta]غرفة بها أثاث قليل ، وصندوق مملوء بالذهب مفتوح ، جلس أمامه رجل عجوز ، مغبر الشعر ، هزيل
الجسم ، ممزق الثياب ، وهو يناجي المال بقوله :أيهـا المـال سلامـــا واشـتـياقا وهُيـامــا
إنـني أفـنـيــتُ عمري فيك حُبا وغـرامـــا
إن لــي فـــيــك حيــاةً وسرورا وابتسامـا
عشت لي أيها المال مدى العمر دواما
يدخل شحٌاد على هذا الغني البخيل يسأله إحسانا :سيٌدي،عـطفـا وإشـفـا قا على كهل فـقـيـرْ
لا يــرانـي الـنــاس إلا في الميادين أسـيـرْ
أسأل الإحسان في البرْ د وفي حـرٌ الهجـيـرْ
أعـطــنـي لـلـــه شـيـئـا يا أخا المال الكثـيـرْ
إن مـنْ يعـطـي فـقـيــرا أجرهُ أجــــر كـبـيــرْ
يلتفت إليه البخيل في حدة و غضب ، ثم يخاطبه :إلــيـك يـَـا كـَـهـْـلُ عنٌي واذهَبْ بعيدا، ودَعْني
أَتــدخـــــل الآن بـيـتـي وتـطـلـبُ الـمـالَ مـنـٌي
إذن طــلــبـت حــيـاتـي فـاخرجْ سريعا فإنيٌ ..
أعــدَدْت ألــف عــقـاب للسـٌـائل المتمـنٌــي ...
يخرج الشحٌاذ ذليلا ، ثم يته إلى الباب مخاطبا الغني من الخارج بقوله :يــــا شِــــقـْـــوة الــبـخــــلاء بالـمـال في الأحــيـاء ..
ماذا أرى، رجل من الأغنياء يـعـيـش كالـفــقـراء ؟..
ومــا الــذي يـــجـــتـــنــيـــــه مـن كل هـذا الـثـراء ...
إن لـــــم يـكــن فـــيــه خــيــر لــهُ و لـلأشــقـــيـــاء ..
الغني البخيل وهو يجلس بمنزله وقد دخل عليه أحد العلماء يعِضُه و ينصحُه ، ويقول بعد أن يسلم عليه :ســـــلامــا عــابــد الـدنـيـــــا ســلامــا، عـاشق الذهبِ
أتــيــتُــك نــاصــحــا أدْعـــــو ك للخــيــراتِ ، اسـتـجـب
و كــيــفَ تـضِــنٌ بــالأمــــوا ل تكنزها ، بـلا سبــب ؟!!
وحـولــكَ كُـلٌ مــحْــتـــــــــاج يـكـاد يـمـوتُ مــن سـَغَـبِ
ومـنْ عُـري ٍ ، ومن مرضٍ، ومـن جَـهْـلٍ ، وفـقــدِ أبِ!
فــكُــن للــخـيْــر فــــعـــــٌالا ، وجُـدْ بالـمـال ، واكْـتَــتِــب
وكُـــنْ لِلــمــال وَهٌـــابــــــاً لِـتَـبْـــلُـغَ أرْفَــعَ الــرٌتَــــبِ
الغني البخيل يغضب من هذا الكلام فيرد على لاعالم ثائرا مهتاجا :أمــالــي جِــئـْـتَ تَــطـْـلُــبُــهُ لــتُــنْــفِـــقـَهُ عـلـى الـنـاس؟!
عــلــى لِــصٌٍ ، ومــحــتــال ٍ وشَــــحٌــــاذٍ و كـــنٌــاس ِ ...!
أتَـــدعُـــونـــي إلـى الخـيـرا تِ، أمْ تـدعـوني لإِفـلاَسـي؟!
رُوَيْــدَكَ ، لاَ تــضــَايــقـْـنِـي بِـمِــثْــل كـلامـك الــقــاسـي ..
ألاَ فـاخــرج ، ألاَ فـاخــرج فَـقَــدْ صَـدٌعْــتَ لِــي رَأسـي ..
العَالم يغتاظ من تهكم الغني البخيل به ، ومن إصراره على بخله وعناده ، فيخاطبه بلهجة قاسية :أخـطــأت ، لو كـنـت تـعـلـمُ فاســــكـــتْ ولا تـــتــكــــلـــــمْ
الــمـال أعــمــاك ، حــتــى مــا عــدت يَـــاكَـــهــلُ تَــفـهــمْ
وبـــعْــتَ ديـــنـــًا بِـــدنــيــَا فَــــصِــرت أكْــبَـــرَ مُــــجْــــرمْ
الـــيَــوْمَ بــالـمَـال تــزْهــى وَفــــي غَــــدٍ سَــــوفَ تَـــنْـــدَمْ
فـاجـمعهُ واحـرصْ عــيـهْ واذَهَـــــبْ بــــهِ لِــــجَـــهَــنٌــــمْ
غَــــدًا يــــكُــــونُ وقـُـــودًا لِـــذَلِــــكَ الجِـــسْـــمِ ، فاعْـــلَـمْ
ينصرف العالم ثم يخرج الغني البخيل لبعض شأنه ، فيأتي لص فيسرق المال ، فإذا عاد بعد ذلك بقليل لا يجد المال ، فيصفرٌ وجههُ ، ويدور ويصرخ في الحجرة كالمجنون ، ثم يخاطب نفسه :أين مالي ؟ أين عـقلي ؟ أين روحي ؟ و حياتي ؟!
أيــن مـا وَفـٌــرتُ مِـنــهُ كُـــل ٌ هَـــذي السـنـوات ؟
ذَهَـــبَ الــمَـالُ إلَـى تِلْـك البُطـــونِ الـــجـــائِـــعـــاتِ
لـيْـتَـنِي مَتــعْــتُ نَـفْسِـي قَـــبْــلَ تِــلْــكَ الــنٌـــكَــبَاتِ
ثم يقع مغمى عليه ، ويدخل في ذلك الوقت الشحٌاذ نفسه ، وهو يقول :أمـــا تُــعْــطُــونَ مُــحْـــتَــاجــًا
[color:8eec=magenta:8eec]ويفاجأ الشحاذ بمنظر البخيل مغمى عليه ، ويدور بعينيه في الغرفة فيعرف مما يرى أن المال قد سرق ، فيقهقه قهقهة عالية ، ثم يَــكزُ البخيل بعكازه ، ويقول في أسلوب الشٌامت :
قــد تَســاويــنـا ، فما عــا د غَــنـــيٌ ، وفــقــيــرْ
رَحـِـــم اللـــــــه زمــانــــا كُــنْــتَ فِــيـهِ كالأجـيرْ
وزمــانـاً كــانَ مــنْــكَ الـ ــمَـالُ فــيـهِ يسـتَجـيـرْ
قُمْ مـَعـي الآنَ ، كَـمَـا أنــ ــتَ، وَسِــرْ حَيْثُ أسِـيرْ
وذُقِ الــذٌلٌ مِـــنَ الـــنـــا س ، كـشــحٌــاذ ضريــرْ
لـيْـسَ يُــجْـدي الـمَالُ في كـــفٌ بخــيل أو حقـيرْ