فلتعد بنا الذاكرة إلى الوراء .. وتنتزع من براثن الماضي سحر العظماء .. كل العظماء ...
فلتعد بنا الذاكرة إلى الوراء .. وتزرع في عقولنا إبتسامة طالما رافقتنا ونحن نستمتع بكرة القدم الحقيقة .. كرة قدم لطالما أمتعت المحبين في المدرجات وخلف شاشات التلفاز ... !!!
الله ما أجمل الأمس .. صدقوني لا أتغنى بجمال الأمس لأني - عربي - أحن للأيام الخوالي في الأندلس أو للخلافة الإسلامية التي اندثرت ..
أنا أتغنى بالأمس الرياضي والكروي فقط لأني اشعر بقشعريرة وأنا أتذكر كرة القدم الحقيقية ...
أنا ببساطة أتنفس كرة قدم ولا أتنفس من تحت الماء كما قال الشاعر الكبير نزار قباني .. ولكني بالتأكيد غارق في حب الكرة حتى الثمالة.
.
.
مازال هدف بيلية الرائع في مرمى المنتخب الإيطالي في نهائي كأس العالم 70 في مخيلتي ..
يقول بوبي روبسن عن الهدف : وكأن بيلية يستطيع أن يظل في السماء أكثر منا بكسور من الثانية :
مازلت أتذكر بيلية وهو يجري فرحاً بالهدف ويضرب بقبضة يده الهواء معبرا عن الفرحة .. فرحته بالهدف.
مازال هدف كارلوس ألبرتو في مرمى منتخب إيطاليا في نهائي كأس العالم 70 في ذاكرتي .. تلك التمريرة الرائعة من نجم نجوم التأريخ بيلية للمندفع من الخلف كارلوس تعطي كأس العالم الثالث للبرازيل وتذيق إيطاليا مرارة الخسارة المذلة ..
مازال هدف كابريني الثاني في مرمى ألمانيا الغربية في كأس العالم 82 محفوراً في ذاكرتي العتيقة .. صرخ بجنون ..
ومن خلفه كان كنوتي يرقص مع الرفاق بعد أن صنع الهدف بروعة .. كان الجميع يحتفل ...
مازال هدف مارادونا الساحر في مرمى المنتخب الانجليزي في دور الـ8 في كأس العالم 86 منسوجاً بروعة في صفحة ذكرياتي الجميلة .. كان علية أن يجري أكثر .. أن يحضن الجميع فقد إنتصر ذاك اليوم رياضياً وسياسياً .. أنتصر للعالم الثالث ... هكذا فهمنا في تلك الليلة البهيجة ..
مازال هدف رونالدو الثاني في المرمى الألماني في نهائي كأس العالم 2002 يشعرني بالسعادة كلما قفز إلى مخيلتي .. يشعرني بالسعادة لان ذاك الفتى عاد من إصابة طويلة امتدت لأربع سنوات ليهدي بلده كأس العالم .. كان يجري ويجري .. فرحاً بنهاية حزنه وانتصاره الكبير ...
أنها كرة قدم .. كرة قدم حقيقة ... وكل العباقرة صنعوا التأريخ الرياضي على المستطيل الأخضر .. وليس في أحضان كاميرات الإعلانات .. وبخلع القمصان ولما لا خلع ما هو أكثر من ذلك.
.
.
الإعلانات التي صارت تفرض علينا مشاهدة عضلات رونالدينهو وهو يسجل هدفاً رابعاً في الدوري الإسباني في مباراة محسومة ومنتهية ومع ذلك يفرض علينا رونالدينهو وشركات الدعاية رؤيته وهو يجري في الملعب خالعاً قميصه وكأنما سجل هدفاً في نهائي كأس العالم .... وهو بالتأكيد لم يفعل .. لم يسجل هدفاً واحداً في كاس العالم 2006 .. والحمد لله أنه لم يفعل وإلا لكان من اللازم علينا أن نرى – قبح – حركاته عندما يسجل هدفاً .. كان فقط يحافظ على قدميه ويطلب من الحكام حمايته .. يطلب من الأمم المتحدة أن تتدخل قوات اليونيفل تحت البند – السابع – لمنع أي من اللاعبين – الأعداء – أن يعتدي على قدمه التي تساوي الملايين ولن أبالغ إذا قلت المليارات .. أنها القدم التي تبيض ذهبا .. وتجلب الحظ والنساء ... !!!
أصاب في أوقات كثيرة بالغثيان وأن اسمع وأرى ما وصلت إليه كرة القدم من إنحطاط .. و تفاهة ..
خرج منكس الرأس يجر أذيال الخيبة والهزيمة بعد أن شغل العالم بحركاته – النص كم – وبخروجه طردت من عقل المتفرجين – العاشقين – للبرازيلي رونالدينهو فكرة أنه الرجل – السوبرمان – وأنه فوق كل نقد .. وصار لازماً عليه أن يذكرنا في كل مرة يسجل فيها أنه لايزال لاعباً وأنه الأفضل .. متناسياً أنه عندما تسجل لا يعني أبداً أنك الأفضل ... وإلا لما خُلد كونتي في قلوب الايطاليين في كأس العالم 82 وهو لم يسجل هدفاً واحداً .. ولم يطلب التدخل الدولي لحمايته من المجانين .....
.
.
في كأس العالم 82 نزفت قدم مارادونا كثيرا وصار لون جواربه أحمر .. وشقت فانلة زيكو إلى نصفين .. وفي كأس العالم 66 كان على بيلية أن يلعب بقدم واحدة بعد أن كسرت الأخرى .. فيما كان بيكنباور يلعب في كأس العالم 70 بيد مربوطة إلى عنقه بعد أن خلعت ....
يقول الساحر – كما يطلقون عليه – رونالدينهو : أعيش غيبوبة ما بعد كأس العالم :
وأنا أقول له بل جميع من يحب كرة القدم فاق من غيبوبتك .. ومن كرة القدم التي صارت ماسخه بوجودك ..
..
..
ولم تتأخر شاشات التلفاز كثيراً في البحث عن بديل – للساحر – فوجدت سريعاً – المعجزة – وقذفت به إلى سماء النجومية بسرعة البرق .. صار في ليلة وضحاها نجم فوق العادة .. ونحن نردد بلا تفكير ما نسمعه .. ونطلق الأسماء .. الأسطورة المعجزة الخرافة لمجرد أن أخينا سجل في خيتافي هدفاً تناقلته وسائل الإعلام كلها وخصصت القنوات ساعات للحديث عن الهدف .. هدف يسجل مثله كثيراً .. المضحك أن ذاك الهدف لم يستطع حتى أن يؤهل برشلونة إلى الدور النهائي .. ببساطة هدف لامعنى له بالمفهوم الرياضي ..
ومن يومها وأخونا لا يترك الكرة من قدمه إلا بعد يراوغ ويراوغ ويراوغ .. متناسياً أنه هناك آخرون ينتظرون تمريره ... ولكن التمريرة لا تأتي فقط لان ميسي يريد أن يصبح نجم الشباك الجديد .. وهدف خيتافي فتح الباب على مصراعيه .. الباب الذي سيضمن لصاحبه المجد .. فميسي ثالث أفضل لاعب في أوروبا وهو لم يحقق أي شيء فلا بطولة دوري ولا كأس ولا بطولة دوري الأبطال ولا هداف ولا كوبا أمريكا ولا حتى هداف لكوبا أمريكا .. وأنا متأكد أنه قادر على حصد اللقب في العام القادم بشرط أن يسجل هدفين في مرمى خيتافي ............. !!!
فلتعد بي الذاكرة إلى الوراء ... إلى الوراء كثيراً ... فالحاضر صار قبيحاً.