الأب روبير دي غرانديس
المحبة المسيحية بكل بساطه.. هي أن تقول دائماً " أنا أسامحك ".
في صلاتنا الأساسية التي علمنا إياها الرب يسوع نقول:
" واغفر لنا ذنوبنا، كما غفرنا نحن للمذنبين إلينا " (متى 6:12).
الرب يقول في (مرقس 11:25) وبكل صراحة:
" وإذا قمتم للصلاة، وكان لكم شيْ على أحد فاغفروا له،
حتى يغفر لكم أبوكم الذي في السماوات زلاتكم ".
بكلمات أخرى، إن لم تـسـامح لن يـكون بمقدورك أن تتقبل المسامحة، لأنك تقاوم النور. وبما أن الرب يسـوع هـو النـور فعدم المسـامحة هو بـمثـابة أن تبقي نفسـك في الظلمة، وبذلك تـمنع نفسـك من تـقـبـُّل المسامحة الآتية من الله.
في إجتماعات صلاة، يطلب منا أحدهم أحياناً أن نصلي معه من أجل شفائه من أوجاع وآلام. وسرعان ما يتضح لنا أن الصلاة غير قادرة أن تحرره من الأوجاع الى أن يكون على استعداد ورغبة أكيدة في مسامـحـة شخص آخر قد آذاه. لقد اختبرنا مثل هذه الحالة عدة مرات ولذلك نطلب من الناس أن يقوموا بـ "صلاة المسامحة" قبل أن يبدأوا بـ "صـلاة الـشـفـاء".
لـقـد رأينا حـالة أخرى فـيـهـا صلينا من أجل شخصٍ ما ليتحرر من آلامه، ولكن الآلام لم تتركه. عندما طلبنا منه أن يسامح شخصاً ما يحقد عليه، وحالما بدأ بلفظ عبارة "الله يسامحه"، فارقته الآلام نـهـائـيـاً.
بكتابي الذي يحمل العنوان "مقدمة إلى خدمة الشفاء"، أسرد قصة امرأة لم ترغب في مسامـحـة صديقة زوجها. هذه المرأة عانت من داء الروماتيزم الذي أقعدها وأغرقها بآلام شديدة.
الراهبة التي كانت تصلي معها ساعدتها على أن ترى ضرورة المسامحة. وإذ بدأت المرأة بالصلاة معبرةً عن المسامحة لصديقة زوجها زالت آلامها في الحال وقامت من فراشها وقدمت المرطبات للراهبة ولشخص آخر كان حاضراً.
هذه الراهبة لديها نعمة عظيمة من نصح وإرشاد الآخرين ولديها خبرة كافية في التعليم الرعوي، ولقد قالت إن هذه كانت أغرب حالة اختبرتها على الإطلاق.
لقد اختبرتُ العديد من الحالات التي بها كانت المسامحة تؤدي إلى الشفاء الحالي.
الكثير من الناس يظنون أن المسامحة هي أن تسـامح الآخرين وليـس نفســك.
كذلك لدى العديد من المؤمنين، أن تسامح نفسك، هو من أبعد ما تعنيه المسامحة بالنسبة إليهم. فبالرغم من معرفتنا أن يسوع سامـحنا إلا أننا لا نقبل أن نسامح أنفسنا.
من خلال خدماتنا اكتشفنا أن هذه النقطة تشكل حاجزاً كبيراً جداً أمام حب يسوع الشافي.
عائق آخر أمام صلاة الشفاء هو استياء باطني – في اللا وعي - من الله نفسه!
علينا أن ننتبه أنه من الناحية الموضوعية كلنا نعرف أن الله كامل ولا يخطئ بحق أحد.
ولكن الله يسمح أن تحدث لنا مصائب: مثل موت شخص عزيز علينا، أو آلام ومضايقات. أو عدم استجابة الله لصلواتنا وطلباتنا. وهذه تنمي لدينا مشاعر استياء عميقة تجاه الله متهمينه بأذيتنا متسائلين:
"يا الله، إن كنت تـحبـنـي
فلماذا تسمح بهذه المصائب أن تحل بـي؟".
نحن نعلم أننا على خطأ باتهاماتنا الله. لكن مشاعر الاستياء وعدم المسامحة تجاه الله تبقى بأعماقنا وهذه تعمل كحاجز أمام الشفاء إلى أن نعبِّر عن " مسامحتنا الله " عما نراه كاستياء منه.